مقدمة :
يعتبر قانون الالتزامات و العقود المغربي إرثا موروثا عن
الحماية الفرنسية ، و المسؤولية المدنية هي من مصادر نشوء الالتزام فإذا اخل احد
بالتزام ترتب على هذا الاخلال بمسؤوليته المدنية ، و هذه الاخير هي من اهم
الموضوعات القانونية التي اهتم بها الفقه و القضاء منذ بداية القرن 20 .
تعريف المسؤولية
المدنية :رجال الفقه
اختلفوا في تعريفها حيث قديما كان يستعمل مصطلح "الضمان" الذي عرفته الشريعة الاسلامية و فقهاء الاسلام و
الضمان هو عبارة عن اعطاء مثل الشيء ان كان من المثليات او قيمته , و المسؤولية المدنية
هي اذن التزام يقع على الانسان بتعويض الضرر الذي الحقه بالاخرين بفعله او بفعل
الاشخاص او الاشياء التي يسال عنها . و المسؤولية تعني المؤاخذة و المحاسبة .
أنواع المسؤولية
:
تنقسم المسؤولية
لنوعين : المسؤولية الاخلاقية و المسؤولية القانونية ، حيث المسؤولية القانونية
تنقسم لنوعين : المسؤولية المدنية + المسؤولية الجنائية .
1- المسؤولية الاخلاقية : هي الحالة التي يوجد فيها
شخص مخالفا للقاعدة الأخلاقية ودائرة الاخلاق واسعة تشمل سلوك الافراد تجاه الله واتجاه
العباد ولأنها تأمر بالخير دائما فهو ملزم باحترامها، ولا يشترط فيها قيام ضرر بل مجرد
نية الضرر بالغير او تمني الضرر له تعتبر اخلالا بها، فإذا تطور الأمر الى التسبب بالضرر
للغير نكون هنا امام مسؤولية قانونية.
2- المسؤولية القانونية : المسؤولية هي جزاء
مخالفة واجب من الواجبات الاجتماعية، و المسؤولية القانونية نوعان : المسؤولية
الجنائية و المسؤولية المدنية .
الفرق بين
المسؤولية الاخلاقية و المسؤولية القانونية : اذا كانت قواعد
القانون تتفق مع قواعد الاخلاق في تنظيم العيش الكريم و توفير الاستقرار و الامن
كتحريم العديد من الجرائم و الامور المخلة بالاداب إلا ان هناك اختلافات بينهما
وهي تتنوع حسب ما يلي :
- من حيث النطاق : نطاق المسؤولية الأخلاقية
أوسع وأشمل من نطاق المسؤولية القانونية لأن نطاق المسؤولية الأخلاقية تجمع
بين علاقة الإنسان بربه و بعلاقته بنفسه وبعلاقته بغيره من الناس عکس نطاق المسؤولية
القانونية في منحصرة فقط في العلاقة بين الأشخاص.
- من حيث الغاية : الاخلاق تعني بتهذيب
النفس وكمال الانسان الأخلاقي وهدفها نشرالفضيلة وهي تسمو للكمال والسمووالمثالية بينما
القانون يهتم بالسلوك الخارجي وهي تسعى إلى استقرار المجتمع والعدل بين الناس.
- من حيث المعيار: تقوم المسؤولية الأخلاقية
على معيار شخصي وهو الضمير فيكفي تمني الشر للغير القيامها ، بينما تقوم المسؤولية
القانونية على معيار موضوعي وهو مسؤولية الإنسان أمام غيره من الناس.
- من حيث الجزاء: الجزاء في المسؤولية
الأخلاقية ذاتي يتجلى في مسؤولية الإنسان أمام الله وأمام ، بينما الجزاء في المسؤولية
القانونية هو جزاء مادي، ضميره وأمام استنكار الناس فہوجزاء معنوي يحدده القانون
وتفرضه السلطة جبرا.
- من حيث الأركان: اركان المسؤولية المدنية
الضرر والخطأ والعلاقة السببية بينما في المسؤولية الأدبية لا يوجد سوی رکن واحد وهو
الخطأ ويسميه الفقه الخطأ الادبي. ويجسد في مخالفة قاعدة أخلاقية .
ّأنواع
المسؤولية القانونية :
-المسؤولية الجنائية : هي عبارة عن التزام
قانوني بتحمل التبعية ، اي التزام جزئي ، و هي في نفس الوقت التزام تبعي ، حيث
انها تنشأ بصفة اساسية مستقلة بذاتها تنشأ دائما بالتبعية لالتزام قانوني آخر ، هو
التزام اصلي ، و ذلك لحمايته من عدم التنفيذ و لضمان الوفاء الاختياري به .
-المسؤولية المدنية : هي الجزاء الذي يترتب
على المدين نتيجة اخلاله بالتزامه الذي ادى الى الحاق الضرر بالدائن و افقار ذمته
و تعرف ايضا انها الالتزام بتعويض الضرر الذي يسببه اخلال المدين بالتزامه .
التمييز بين
المسؤولية المدنية و المسؤولية الجنائية :
تنقسم المسؤولية القانونية الى قسمين: مسؤولية مدنية و مسؤولية
جنائية ، وهما يختلفان من عدة نواحي ونذكر من أهمها:
وعلى هذا فالمسؤولية المدنية هي الالتزام بتعويض الضرر الذي
يسببه إخلال المدين بالتزامه. اما المسؤولية الجنائية : يقوم الشخص بأفعال يجرمها القانون
الجنائي وأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص والهدف منها هو تحقيق المصلحة العامة
-المجتمع- .
- و تتميز المسؤولية المدنية عن المسؤولية الجنائية في
نواح متعددة نذكر منها ما يلي :
أولا: من حيث الأساس القانوني : المسؤولية الجنائية ضرر
يصيب المجتمع ككل اما المسؤولية المدنية فأساسها ضرر اصب فردا او افراد بعينهم. فهناك
جرائم يعاقب عليها القانون ولولم تمس أي احد بسوء كحمل السلاح والشروع غب الجريمة او
مجرد الاتفاق على ارتكابها وهناك بالقابل أفعال تودي بصاحبها إلى شغل المسؤولية المدنية
والتعويض عن الضرر دون أن تكون جريمة ولا تؤدي إلى شغل المسؤولية الجنائية.
ثانيا: من حيث نوعية الجزاء: جزاء المسؤولية المدنية
هو (التعويض) اما المسؤولية الجنائية فجزاؤها العقوبة ينزلها المجتمع بالجاني. ولما
كان الجزاء في هذه المسؤولية (عقوبة) تنزل بالجاني، لهذا كان من الواجب ان تحدد مقدما
الأفعال التي يعتبرها القانون جرائم يعاقب عليها.
ثالثا: من حيث مخولات الحق : في الجريمة لا يجوز الصلح
او التنازل لأنها حق المجتمع بينما يجوز الجر و التعويض والصلح لأنه حق الفرد.
رابعا: من حيث الاعتداد بعنصر النية: النية عنصر من عناصر المسؤولية
الجنائية اما في المسؤولية المدنية فغالبا ما يكون الإهمال والتقصير ولا يتم اشتراط
عنصر النية فالضرر يجب أن يتم تعويضه بنية او بدون نية احداث الضرر .
خامسا: من حيث اطراف الدعوى ونوعيتها : وتختلف كل من الدعوى العمومية
والدعوى المدنية في مجموعة من النقاط مختلفة أهمها: أ- من حيث السبب: نجد ان
الأساس القانوني في الدعوة العمومية هو واحد الا وهو "الجريمة"، بينما الدعوى
المدنية هوالضرر . ب- من حيث الموضوع: فموضوع الدعوى العمومية هو تحقيق الدفاع
الاجتماعي، عن طريق إيقاع العقاب بالمجرم، بينما موضوع الدعوى المدنية هو حماية مصلحة
خاصة عن طريق تعويض الأضرار التي وقعت على هذه المصلحة الخاصة . ج- من حيث الخصوم:
فالنيابة العامة طرف في النزاع ولا يمكنها ان تتصالح مع المتهم ولا ان تتنازل له اما
الدعوى المدنية فيجوز التصالح والتنازل وموضوعها الرئيس هو جبر الضرر والحصول على التعويض
.
سادسا: من حيث تبعية الدعوى المدنية للدعوى الجنائية: قد يترتب على الفعل مسؤوليتين
مدنية وجنائية وفي هذه الحالة تتأثر المسؤولية المدنية بالمسؤولية الجنائية لان هذه
الأخيرة اقوى واشد اثرا وهكذا تتبع المسؤولية الجنائية المسؤولية المدنية .
النتائج
المترتبة عن اجتماع المسؤولية المدنية و الجنائية : بما ان المسؤولية الجنائية
خرق لحق المجتمع في اقوى من المسؤولية المدنية التي تمثل مصلحة خاصة وتتعلق بحق الفرد،
لذلك تؤثر المسؤولية الجنائية على المدنية وتتجل مظاهر هذا التأثير في الاتي:
1 - من حيث الاختصاص القضائي: تتبع دعوى المسئولية المدنية
دعوى المسئولية الجنائية، حيث يجوز رفع الدعوى المدنية للمطالبة بالتعويض أمام المحكمة
الجنائية التي رفعت أمامها الدعوى الجنائية. 2- من حيث الأمر المقضي به : عندما
تبث المحكمة الجنائية في الدعوى يجوز هذا الحكم قوة الأمر فهي لا تتقيد ، المقضي به
وعلى المحكمة المدنية أن تأخذ هذا الحكم بعين الاعتبار لكنها غير ملزمة به أما إذا
حكمت ، به من براءة المتهم مثلا بل هي تكييف الوقائع تكييفا أخر لغرض الحكم بالتعويض
المحكمة الجنائية ببراءة المتهم فلا يحق للقاضي المدني أن يحكم بالتعويض . 3-
من حيث وفق الدعوى : تأمر المحكمة الجنائية ببراءة المتهم فلا يحق للقاضي المدني
أن يحكم بالتعويض. 4- من حيث التقادم: من المقرر أن الدعوى المدنية لا تسقط
بالتقادم مادامت الدعوى الجنائية قائمة لم تسقط. فإذا كانت دعوى المسئولية التقصيرية
تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول
عنه، وتسقط في كل الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع .
المسؤولية التقصيرية و
المسؤولية العقدية :
تحديد تطاق كل من المسؤولية
العقدية و التقصيرية :
المسؤولية العقدية هي التي تنشأ عن الاخلال بما التزم به
المتعاقد وتتنوع بحسب ما اشتمل عليه العقد من التزامات. فالعقد هو الذي يحدد مسؤولية
الطرفين لأن القاعدة "العقد شريعة المتعاقدين." أما المسؤولية التقصيرية هي التي تكون نتيجة الإخلال بالتزام
قانوني، بحيث لم تكن تربط أية عالقة بين الدائن والمدين قبل تحقق المسؤولية.
التمييز بين المسؤولية
العقدية والمسؤولية التقصيرية :
بعض الفقهاء يروا أنه لا تمييز بين المسؤوليتين هؤلاء هم
أنصار نظرية وحدة المسؤولية بينما آخرون يروا أن هناك اختلافا بينهما و هم أنصار
مذهب ازدواجية المسؤولية.
ّفكرة ازدواج المسؤولية المدنية : شكل أنصار نظرية
ازدواجية المسؤولية الاتجاه الحديث وهم يقولون بأن هناك فروقا هامة ما بين المسؤوليتين
العقدية و التقصيرية تقتضي وجوب التمييز حتى يطبق على كل منهما ما يخصه من أحكام ويجملون
هذه الفروق في الوجوه التالية:
- فمن حيث الاهلية
: تستلزم المسؤولية العقدية توفر أهلية الأداء
لأنه يرتكز على الإرادة اما المسؤولية التقصيرية فيكفي مجرد التمييز بل يمكن مساءلة
الغير المميز عن التعويض اذ لم يوجد مسؤول عنه. فالقاصر المميز يساءل (الفصل 96 من
ق.ا.ع)
- من حيث درجة الخطأ: لا تقوم المسؤولية العقدية في حالة وجود خطأ غير مقصود کالطبيب
يعالج مريضا اما المسؤولية التقصيرية فهي تقوم أساسا على الخطأ مهما كان تافها.
- من حيث الاعذار: في المسؤولية العقدية يشترط اعذار المدين ما عدا في حالات
استثنائية، بخلاف المسؤولية التقصيرية التي لا يشترط فيها (الفصل 255 ) بمعنى أن الاعذار
تكون في المسؤولية العقدية ولا توجد في المسؤولية التقصيرية.
- من حيث عي الاثبات: لا يكلف مدعي التعويض في المسؤولية العقدية بإثبات خطا خصمه
بينما في المسؤولية التقصيرية يقع اثبات الخطأ على المضرور.
- من حيث التعويض : في المسؤولية العقدية يقتصر التعويض على التعويض النقدي
دائما بينما في المسؤولية التقصيرية يتخذ اشكالا متنوعة كالحكم بهدم جذار
- من حيث مدى تعويض
الضرر: في المسؤولية العقدية لا يكون التعويض
الا عن الضرر المباشر متوقع الحصول اما في المسؤولية التقصيرية فيكون التعويض عن ضرر
مباشر كان متوقعا أو غير متوقع
- من حيث الاعفاء والحد من المسؤولية: هي جائزة أساسا
في المسؤولية العقدية بينما تكون ممتنعة في المسؤولية التقصيرية .
- من حيث التضامن بين المسؤوليتين: لا تضامن في المسؤولية العقدية الا اذا اتجهت اليه إرادة
المتعاقدين صراحة وقد اكد المشرع هذه القاعدة في الفصل 164 من قانون الالتزامات والعقود
اما في المسؤولية التقصيرية فان التضامن ثابت بحكم القانون في حال تعدد المسؤوليتين
- من حيث التقادم: تتقادم دعوى المسؤولية العقدية بمرور 15سنة تبدأ من يوم
الذي علمة فيه المضرور بوقوع الضرر، بينما في المسؤولية التقصيرية بمرور 5سنوات، بداية
من وقت وصول الضرر الى المضرور مع مراعاة بعض الاستثناءات التي ينص عليها قانون الالتزامات
و العقود و بعض القوانين الخاصة .
- من حيث الاختصاص القضائي : ندعوى المسؤولية العقدية تنظر فيها المحاكم
المدنية بينما المسؤولية التقصيرية لو كانت جريمة تنظر فيها المحكمة الجنائية وهي محطمة
المدعي عليه في العقدية ما لم يتفقا على غيرها وهي محكمة المدعي عليه دائما في التقصيرية.
- من حيث القانون الواجب التطبيق : هو قانون الدولة موطن
المتعاقدين او قانون الدولة التي تم ابرام العقد فيها في حالة اختلاف المواطن اما
في المسؤولية التقصيرية فالقانون المطبق هو قانون الدولة التي وقع فيها الضرر .
المسؤولية
التقصيرية :
المسؤولية عن
العمل الشخصي (العقدية) :
يجب توفر 3 عناصر لقيام المسؤولية عن العمل الشخصي و هي
: 1- الخطأ 2- الضرر 3- العلاقة السببية بينهما.
1- الخطـــــــأ
:
تعريف الخطأ و أركانه
:
عرف الفصل 78 من ق ل ع المغربي الخطأ "بأنه ترك ما كان يجب فعله أو فعل ما كان يجب
الإمساك عنه ، و ذلك من غير قصد لإحداث الضرر " ، و الخطأ هو فعل ما كان يجب
الامساك عنه و ذلك من غير قصد احداث الضرر،الخطأ يتشكل من ركن مادي و آخر معنوي :
1- الركن المادي
(التعدي او الانحراف): الإقبال على ارتكاب فعل التعدي : أشار المشرع المغربي إلى
الركن المادي للفعل الضار في الفصل 77 و 78 من ق ل ع ، حيث يتبين من خلالهما أن الإخلال
بالالتزامات القانونية هو الذي يشكل الركن المادي للخطأ ، و لا فرق بين أن يكون هذا
الأخير مقصودا في ذاته – فعل التعدي - أو غير مقصود بحيث حصل عن طريق التقصير و الإهمال
. وإذا كانت المسؤولية التقصيرية تنشأ عند خرق الالتزامات القانونية . فإن القضاء هو
الذي يتولى تحديد حالات الإخلال بهذه الأخيرة ، غير أن الصعوبة تكمن في معرفة المعيار
الذي يتعين على القاضي اعتماده لضبط سلوك الأفراد إزاء هذا النوع من الالتزامات ، ذلك
أن الأفراد ليسوا على مستوى واحد من الحيطة و التبصر و اليقظة ، الأمر الذي يفرض على
المحكمة الخيار بين تطبيق المعيار الشخصــي الذي يميز سلوكيـات الأفراد و معاملتهم
على قدر إمكانياتهم الذاتية من فطنة أو غباوة ، أو تطبيق المعيار الموضوعي الذي يتعامل
مع كافة الأفراد باعتبار إمكانيات الفرد العادي متوسط الخبرة و الذكاء.
2- الركن المعنوي (التمييز او الادراك) : إمكانية نسبة الفعل الضار للشخص المخطئ : بمعنى أنه يتعين
أن يكون هذا الشخص مدركا لنتائج أفعاله ، ، و نظرا إلى أن مسألة الإدراك ترتبط ارتباطا
وثيقا بعنصر التمييز وجودا و عدما ، كمالا و نقصا ، فإن جل التشريعات المدنية جعلت
من الإدراك و التمييز مناطا للمسؤولية المدنية ، و هو ما أكد عليه الفصل 96 من ق ل
ع المغ.
درجات او انواع
الخطأ :
أ- الخطأ الجسيم
: الخطأ الجسيم يحصل عندما يخل الشخص بواجبات
قانونية على جانب من الأهمية ، و إذا كانت معالم التفرقة بين خطأ الإهمال و خطأ العمد
لا تثير إشكالات قانونية لانتفاء قصد الأضرار بالغير في النوع الأول، فإن الأمر خلاف
ذلك بالنسبة للعلاقة بين الخطأ الجسيم و الخطأ الذي لا يغتفر ، رغم أن هذا الأخير يبدو
في الواقع صورة من صور الخطأ الجسيم ،لأنهما يشتملان على نفس العناصر المادية و الشخصية
المكونة لأخطاء الإهمال التي تكون عادة على قدر كبير من الجسامة و الخطورة ، و من هنا
عمد المشرع المغربي إلى اعتبار الخطأ الذي لا يغتفر حالة من حالات الخطأ الجسيم و رتب
عليه نفس الآثار.
ب- الخطأ اليسير : فهو يكون أقل خطورة من الخطأ الجسيم ، و إذا كانت القاعدة
العامة في هذا النوع من الأخطاء أنها تستحق التعويض كغيرها ، فإن هناك استثناءات لا
تجعل لهذا الخطأ اليسير أي اعتبار أثناء تقدير التعويض كما هو الحال بالنسبة للمسؤولية
التقصيرية للقضاة ، حيث لا يسألون مدنيا إلا إذا كان الخطأ جسيما أو كان هناك نص خاص
يقرر المسؤولية عن الخطأ اليسير. كما لا يسأل أرباب المهن الحرة عن هذا الخطأ إلا إذا
كان عمديا ، رغم أن الاتجاه في الفقه و القضاء المعاصرين ، يقولان بوجوب مساءلة هؤلاء
عن أخطائهم سواء كانت يسيرة أو جسيمة.
ج- الخطأ التافه : هو ذلك الخطأ الذي يقع بالقدر الطفيف من الاهمال و عدم
الانتباه ، و لا يقيم الرجل الحريص ، و بهذا الخطأ تتوفر المسؤولية ما دام قد ترتب
عليه ضرر بالغير ، اذ ان القانون لم يعلق قيام المسؤولية على درجة معينة من الخطأ
.
2- الضرر : لا يكفي لقيام مسؤولية
المدين العقدية ان يرتكب الخطأ العقدي المتمثل في عدم التنفيذ العيني للالتزام و انما
يجب ان يسبب هذا الخطا ضررا للطرف الدائن فالضرر يعتبر ركنا اساسيا لقيام المسؤولية
العقدية .
انواع الضرر :
1-الضرر المادي
: و هو الضرر الذي يصيب الدائن في ماله او
سلامته الجسدية . 2- الضرر المعنوي : و هو الضرر الذي يصيب الدائن في كرامته
او شرفه. يستحق الدائن التعويض عن الضرر المادي و المعنوي سواء كانت المسؤولية المدنية
عقدية او تقصيرية .
شروط الضرر :
1- ان يكون الضرر محققا : اي ان الضرر يجب ان يكون قد وقع فعلا و الاصل ان التعويض
لا يتم عن هذا النوع من الضرر لكن قد يقع التعويض عن الضرر المستقبل و هو الضرر الذي
و قعت اسبابه لكن اثاره تراخت الى المستقبل لكنها مؤكدة الوقوع . اما اذا كان الضرر
محتملا يستحق عنه الدائن التعويض لضعف صلته العقدي يدخل تفويض من حيث المبدا في اطار
الضرر المحتمل الذي لا يعوض عنه .
2- ان يكون الضرر حقا او مصلحة مالية للمضرور : بمعنى ان يصيب الضرر الطرف الدائن شخصيا سواء في جسمه او
ذمته المالية او في كرامتهه و اذا توفي المدين قبل حصوله على التعويض حل محله الورثة
.
3- ان يكون الضرر ناشئا عن اخلال بمصلحة مشروعة .
3- علاقة السببية
بين الخطا و الضررا :
هي الركن الثالث في المسؤولية العقدية كما هو الشان في المسؤولية
التقصيرية فاذا ارتكب المدين خطا و حصل ضرر للدائن لكن دون ان يكون خطا المدين هو السبب
في ضرر الدائن انتقلت علاقة السببية و انتفت بالتبعية مسؤولية المدين. يفرض القانون
على الدائن واجبا مؤداه ألا يركن الى تقصير المدين و يستسلم للضرر لناشئ له بل يحتم
عليه الواجب ان يعمل على درء الضرر عن نفسه ببذل الجهد المعقول الذي تتطلبه ظروف الحال
فان احجم عن بذل هذا الجهد كان مقصرا و كان تقصيره هذا السبب الحقيقي لكل ضرر مترتب
عن احجامه .
لا يجوز ان يؤاخذ المدين بخطأ لم يقترفه اي لا يجوز ان يلتزم
باصلاح ضرر سببه غيره كذلك لا يجوز مساءلة المدين عن ضرر سببه الدائن لنفسه بنفسه كما
لا يجوز ان يتحمل الشخص مسؤولية ضرر كان السبب فيه هو القوة القاهرة .
توافر عناصر المسؤولية العقدية يعطي الحق للطرف المضرور في
الحصول على التعويض المناسب لجبر الضرر المترتب عن اخلال المدين بالالتزام و هو اما
تعويض اتفاقي حيث تتفق الاطراف المتعاقدة على مقدار معين من التعويض يستحقه الدائن
في حالة اخلال المدين .
اثار المسؤولية : اذا توافرت
الاركان الازمة لقيام المسؤولية التقصيرية ثبت حق المتضرر في التعويض عن الفعل الضار.
التعويض اذا هو الجراء المدني المترتب عن ثبوت المسؤولية و كيفما كان التعويض المطلوب
و سبل الوصول اليه هي يا اما عن الطريق الاتفاقي او الطريق القضائي اي لجوء المتضرر
الى المحكمة و رفع دعوى المسؤولية في مواجهة المسؤولية في مواجهة المسؤول عن الضرر
.
تعريف الدعوى : لم
يقم المشرع المغربي بعريف الدعوى مما ترك المجال للفقه حيث ذهب جانب منه لتعريفها
بأنها : "وسيلة قانونية لحماية الحق مؤداها تخويل صاحب الحق مكنة الالتجاء
الى القضاء لحماية حقه او لضمان احترامه " .
أطراف دعوى المسؤولية :
-
المدعي : هو المضرور و هو الشخص الذي اصابه الضرر من خطا المدعى عليه
و بالتالي ثبت الحق في التعويض . يطالب به شخصيا او عن طريق نائبه يمتد مفهوم المضرور
ليشمل بالاضافة الى من تضرر شخصيا من الفعل الضار خلفه العام و هم الورثة فيحق لهؤلاء
المطالبة بالتعويض.قد يتعدد المضرورون من الخطا الواحد و يكون لكل مضرور دعوى شخصية
مستقلة يرفعها باسمه .
- المدعى
عليه : و هو الشخص المسؤول عن حصول الضرر و قد يكون الشخص مسؤولا
عن فعله الشخصي اي الخطا لصادر منه شخصيا و قد يكون مسؤولا عن فعل الغير او عن الاضرار
التي يتسبب فيها الذي تحت حراسته .
التعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــويـــــض
:
ّمبحث 1 : تعريف التعويض وبيان وظائفه :
-تعريف
التعويض : هو حق للمضرور ، فمتى تم الاخلال بالتزام قانوني ينشأ
الحق في التعويض و يثقل ذمة المسؤول التي لا تبرأ إلا بعد أداء التعويض .
-وظائف
التعويض : له وظيفة تهذيبية تتمثل في ردع السلوك غير الاجتماعي ،
و تهدئة المضرور و افشاء روح العدالة كما انه يقوم بوظيفة جبر الضرر الحاصل على
المضرور فيقوم بإصلاح ما خلفه ,
ّمبحث 2 : طبيعة التعويض :
-
تعويض عيني : هو الذي يتضمن ازالة الضرر بعين القضاء على
سبب الضرر كصدم حائط بناه المسؤول عن الخطأ في ارض يملكها غيره و له صورتين ( رد
عين الشيء | إعادة الحال الى ما كانت عليه قبل وقوع الخطأ ) .
-
تعويض بمقابل : له طابع تخفيفي منه وطأة الضرر ، فهو غالبا
ما يكون نقدا يعطى دفعة واحدة لكن قد يكون تعويضا نقديا مقسطا او ايرادا مدى
الحياة ، فالقسط يكون معروفا زمنه بينما الايراد يكون مدى الحياة ، ام التعويض غير
النقدي فمثاله كما جاء في الفصل 91 من طلب ازالة المحلات التي تسبب الضوضاء للسكان
، ومن ذلك نشر حكم الادانة في دعاوى القذف على نفقة المسؤول فهو بمثابة تعويض غير
نقدي عن الضرر الادبي الذي اصاب الضحية .
المسؤولية عن فعل الغير :
المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير القائمة على
الخطأ الواجب الاثبات :
لقد
خصص المشرع المغربي لها احكام في الفصل 85 مكرر :
-أولا
: يسأل المعلمين و موظفو الشبيبة و الرياضة عن الضرر الحاصل
من الأطفال و الشبان خلال الوقت الذي يوجدون فيه تحت رقابتهم بمجرد انتهاء هذه الرقابة
تزول هذه المسؤولية ( بخروج التلميذ أو الشاب من الملعب او المدرسة ) و يعود الى رقابة
وليه ان كان قاصرا و يتحمل كامل المسؤولية ان لم يكن قاصرا.
-ثانيا
: يلغي القانو افتراض الخطأ عن المعلم و موظف الشبيبة ،
حيث ان مسؤوليتهم قائمة على اساس الخطأ واجب الاثباب وفق قواعد المسؤولية الشخصية
عموما .
-ثالثا
: لا يحق للمتضرر اقامة الدعوى ضد الموطف المرتكب للخطأ و
انما يقيم دعواه مباشرة ضد الدولة كونها تحل محل مسؤولية هذه الفئة من الموظفين .
-
رابعا : اذا دفعت الدولة التعويض بسبب حلول مسؤولياتها محل
مسؤولية المعلم و موظف الشبيبة و الرياضة كان لها ان تسرد ما دفعته للمتضرر من
المعلم او من غيره
-خامسا
: تتقادم دعوى هذه المسؤولية بمضي ثلاث سنوات تبتدئ من
وقوع الفعل الضار سواء كان المتضرر علم بالضرر الذي لحقه و بالمسؤول عن التعويض او
لم يعلم ، و بذلك يغير اجل التقادم هنا (ف106) في 5 سنوات الى بلغ علم المتضرر
الواقع و من المسؤول عنه و الا فبعشرين سنة .
-سادسا
: ترفع دعوى المسؤولية التي يقيمها المتضرر على
الدولة امام المحكمة الابتدائية التي يوجد
في دائرتها المكان الذي وقع فيه الضرر .
إرسال تعليق